بورقيبة (1903 - 2000)... مسيرة زعيم





في مثل هذا اليوم، السادس من أفريل من سنة 2000  توفي الزعيم الحبيب بورقيبة  عن سن تناهز الـ 97 عاما قضى منها ما يزيد عن 13 عشر عاما معزولا بعد الإطاحة به من قبل زين العابدين بن علي في 7 نوفمبر 1987.

ويعتبر بورقيبة مؤسس الدولة التونسية الحديثة بعد استقلالها عن فرنسا في 20 مارس سنة 1956، حيث قام بترسيخ ركائز الدولة الوطنية من مؤسسسات سياسية واقتصادية واجتماعية وتنفيذ جملة من البرامج والمخططات شملت أساسا القطاعات التعليمية والصحية والإجتماعية والقضاء إضافة إلى بعث مؤسسات إقتصادية التي سترافق بناء الدولة الجديدة.

ولد بورقيبة بمدينة المنستير في 3 أوت 1903 من عائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة  وكان أصغر أبناء الأسرة المتألفة من ثمانيه إخوة وأخوات. وقد تلقّى تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي ثم معهد كارنو بتونس قبل أن يسافر إلى باريس حيث تابع  دراسته في كلية الحقوق والعلوم السياسية أين تحصل على الإجازة في الحقوق سنة 1927 ليعود بعد ذلك إلى تونس ويمارس مهنة المحاماة.

انخرط بورقيبة في العمل السياسي مبكرا وانضم سنة 1933 إلى الحزب الحر الدستوري  قبل أن ينسلخ عنه ليؤسس الحزب الحر الدستوري الجديد  رفقة عدد من المناضلين.

اعتقل في عدة مناسبات من قبل قوات الإستعمارالفرنسية وتم سجنه وابعاده إلى أقصى الجنوب كما سجن في عدد من السجون الفرنسية قبل أن تطلق القوات الألمانية سراحه في 1943.

قضى سنوات من حياته في منفاه الإختياري بالقاهرة أين عمل انطلاقا منها على التعريف بالقضية التونسية، وفي بداية الخمسينات دخل في مفاوضات مع فرنسا قادت في سنة 1955 إلى منح تونس استقلالها الداخلي وهي الخطوة التي أحدثت خلافا عميقا مع الزعيم صالح بن يوسف ونشأة ما يعرف بالصراع ''البورقيبي اليوسفي''.

في 20 مارس 1956 تم منح تونس استقلالها وشكّل بورقيبة أول حكومة بعد الإستقلال قبل أن يلغي في 1957 النظام الملكي  وتعيينه أول رئيس للجمهورية.

خلال فترة الإستقلال الأولى تمت كتابة أول دستور للدولة المستقلة في سنة 1959 من خلال المجلس القومي التأسيسي، ويعتبر تأسيس ركائز  تعليم حديث وإقرار مجانيته وإجباريته وتوحيد القضاء وتركيز نظام للصحة العمومية من أبرز انجازات بورقيبة فضلا عن مجلة الأحوال الشخصية الثورية والرائدة في عصرها آنذاك والتي تم بموجبها الغاء تعدد الزوجات.

عرف نظام بورقيبة بعض الإضطرابات والأزمات في عدد من الفترات منها  فشل سياسة التعاضد في الستينات وأحداث جانفي 1978  بعد الخلاف بين اتحاد الشغل والحكومة والتي راح ضحيتها عدد من القتلى وأحداث الخبز في جانفي  1984 والتي استخدمت فيها القوة ضد المواطنين وسقط خلالها العديد من الضحايا، وقد اندلعت تلك الأحداث بعد ترفيع الحكومة في سعر الخبز قبل أن يتم التراجع عن ذلك.

في السابع من نوفمبر 1987 أطاح الوزير الأول زين العابدين بن علي  ببرقيبة اثر انقلاب ليعلن نفسه رئيسا للجمهورية التونسية.

وتم فرض الإقامة الجبرية على بورقيبة في اقامته بالمنستير  وانقطعت أخباره تقريبا ما عدا ما يعرضه التلفزيون العمومي في مناسبات قليلة من  زيارات بن علي للزعيم الراحل  إلى أن وافته المنية في 6 أفريل من سنة 2000 تاركا خلفه انجازات خالدة.

وبعد الثورة عمل بعض السياسيين على ''احياء الإرث البورقيبي'' في مواجهة ما اعتبروه المشروع الرجعي لبعض القوى السياسية التي تصدرت المشهد السياسي بعد ثورة 14 جانفي 2011.