هل تعمدوا اخفاء مرض الرئيس ؟

هل تعمدوا اخفاء مرض الرئيس ؟

في خضم التحية التي توجه بها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والشعب الالماني، وعد الباجي بمصافحة قريبة للمستشارة وشعبها خلال انعقاد قمة السبعة الكبار التي ستحتضنها العاصمة الالمانية برلين يوم 7 جوان المقبل ، لكن الرئيس وعوض شهر جوان ذكر شهر نوفمبر ، ولا شك ان لنوفمبر مع اضافة اليوم السابع مذاقه الخاص ، فهو محطة دموية قاتمة للبعض ومحطة للاسترزاق والنفوذ والتمكين للبعض الآخر.




لم تكن زلة 7 نوفمبر هي الاولى بالنسبة لرئيس الجمهورية، فقد راكم الزلات من هذا القبيل حتى قبل وصوله الى السلطة، بل منذ مصطلح "القرودة" الشهير، ولان عملية الخلط تفاقمت لدى الرئيس واصبح على موعد مع زلة او زلتين في كل مناسبة ، اصبح يصعب تصنيف الامر في خانة الاخطاء العرضية العادية ، والأقرب انها حالة مرضية قد تكون ما يطلق عليه الاطباء "متلازمة الاحتراق النفسي" ، وهو من الامراض التي كانت تحسب على شريحة من العمال والموظفين حتى تمرد هذا المرض واستشرى في العديد من شرائح المجتمع ، وبعد ان احتكرته قطاعات مثل الاخصائيين الاجتماعيين والاطباء والمعلمين ، تغول على غيرها من القطاعات واصبح يستهدف المجتمعات بلا هوادة وبشكل عشوائي .




اعتبر الاطباء والباحثين اصحاب المهن التالية هم الاكثر عرضة لإصابة بمرض " متلازمة الاحتراق النفسي" : "مهن تستلزم جهد فكري وعقلي ووجداني وعاطفي ، مهن تستدعى مسؤولية كبيرة لا سيما تجاه الآخرين، مهن ذات أهداف صعبة المنال بل قد تكون مستحيلة ، مهن بها غموض أو صراع على الأدوار" . أما الاشخاص الاكثر عرضة للإصابة بهذا المرض فهم : " أشخاص لديهم مثل عليا في الأداء والنجاح ، أشخاص يربطون الرضا عن الذات بالأداء المهني، أشخاص آخرون مركز اهتمامهم الوحيد هو عملهم، أشخاص يعتبرون عملهم ملاذا و يهربون من جوانب الحياة الأخرى" ، وحصر الاطباء جملة من الاعراض عادة ما تبدو جلية على حاملي هذا المرض ، من اهمها : "آلام عامة ، فقدان التركيز ، أرق ، سرعة الاستثارة ، نفاذ الصبر ، الإنهاك الجسدي والنفسي ، فقدان الدافعية للنهوض والذهاب للعمل" .


أكان هذا المرض او ذاك ، فرئيس الجمهورية يبقى عرضة كأي مواطن للامراض بانواعها التي لا تستاذن حين يحل القضاء ، لكن المنصب الدقيق الذي يشغله السبسي ، يجعل من صحته محط للأنظار ، خاصة وان تونس تمر بمرحلة ما زالت المؤسسات فيها ضعيفة شديدة الحساسية ، قابلة للسطو والردة ، ومازالت شرعية الصناديق اقوى من مؤسسات الدولة المنهوشة المخترقة .


نصرالدين السويلمي