الجرحى الأمنيين بين اليأس والأمل: 102 مصابا من قوات الأمن من بينهم 7 إصابات خطيرة.. أبطال تغلّبوا على الآلام وواصلوا حربهم على الإرهاب



 إعداد: درّة الغربي / آخر خبر
استقبلنا بابتسامة فشلت في إخفاء حزنه وتأثره هكذا كان الوكيل بالحرس الوطني (طلائع الحرس) هشام الميساوي الذي زرناه بإحدى المصحّات الخاصّة.
لم تكن زيارتنا له اعتباطية بل اخترنا الحديث معه باعتباره من اخطر الاصابات في صفوف الامنيين.
هشام الذي لم يتجاوز الثلاثة عقود والذي سقط على ميدان الحرب ضد الاهاب وجد نفسه اليوم مجبرا على ملازمة فراش سئمه أو استعمال كرسي متحرك رفض التنقل عليه ,ربما تناسته الايام وعدسات الكاميرا بعد اصابته لكن ذاكرة التونسيين لن تنسى احد ابطال تونس الذي ضحى بنفسه من اجل هذا الوطن.
اصرار بين الياس والامل
وبعد سلام وترحيب حدثنا هشام على حكايته حيث اكد لنا انه اصيب يوم 17 مارس 2014 اثر دورية امنية في منتصف الليل قام بها رفقة زملائه بجهة الزعفرانية من ولاية سيدي بوزيد وبعد الاشتباه في احدى السيارات المارة طلبوا من سائقها الوقوف للتثبت الا أنه رفض وحاول الفرار بل بادر مرافقوه باطلاق النار على أعوان الحرس الوطني ما اضطرهم لملاحقتها.
ولكن واثر مطاردة السيارة الفارة وتبادل اطلاق النار اصيب عونا امن كان من بينهم هشام الذي اخترقت رصاصات الغدر جسمه وتحديدا على مستوى العمود الفقري ليعلم فيما بعد انه اصيب بشلل نصفي.
محدثنا ذكر لنا أن الطريق التي شهدت احداث اصابته من اخطر الطرقات باعتبارها تربط بين ولاية سيدي بوزيد والقصرين (جبل السلوم) وقفصة (سيدي عيش) واشار إلى أن العناصر الارهابية تستعملها لتمرير المؤونة والسلاح للجماعات الارهابية المتحصنة بالجبال.
اصابني بعد اطلاق سراحه!!
واضاف بانه يعرف جيدا من اصابه وهو عنصر ارهابي يكنى بـ”ولد برة” مؤكدا انه قبض عليه قبل أن يصيبه في هذه الحادثة بحوالي الثلاثة أشهر اسفل احدى الجبال بسيدي بوزيد وكان معه شابان لم يتجاوزا الـ18 سنة حاول استقطابهما الا أنه فوجئ بخبر اطلاق سراحه فيما بعد.
وبالرغم من اصابته في مناسبتين الاولى اثر عملية بنعون حيث اصيب برصاصة على مستوى الوجه ( اصابة خفيفة) والثانية بجبل الشعانبي حيث انقلبت به السيارة رفقة زملائه  الا أنه اصر على مواصلة تادية الواجب والذود على هذا الوطن ولكن احساسه اليوم باليأس والإحباط جعله يبدو منكسرا وانساه بطولاته خاصة امام احساسه بالتقصير من قبل المسؤولين بالدولة ,هذا ما اكده  لنا هشام الميساوي الذي ينتظر بفارغ الصبر موعد ذهابه إلى الصين لتلقي العلاج هناك (زرع خلايا جذعية) على امل تحقيق تحسن ولو طفيف.
مخاطبنا اكد أن انتظاره طال وانه يئس من هذا الانتظار واضاف قائلا “تمنيت لو بترت ساقي لاتمكن من الوقوف مجددا فاما أن اقف من جديد واعود إلى ميدان الحرب والا فلا فائدة من هذه الحياة…فانا ارفض العودة إلى الديار على ذلك الكرسي المتحرك”.
وذكر أن سبب انتظاره عدم الموافقة على ملفه باعتبار تكلفة العملية الجراحية وحالته الصحية الحرجة  – بالرغم من انه ارسل نسخة من ملفه إلى مستشفى بيكين وتسلم ردا بالموافقة – مشددا على أن زملاءه وعدوه بالاقتطاع من اجورهم للتبرع بتكلفة العملية الجراحية بالصين في حال عجزت الدولة عن التكفل بالمصاريف بالرغم من أن وزير الداخلية ناجم الغرسلي التقاه خلال شهر افريل الفارط واكد له انه سيتوجه إلى الصين خلال ايام في انتظار اتمام الاجراءات اللازمة كما اكد له امر الحرس الوطني السابق منير الكسيكسي الموافقة وقبول ملفه.
“يبدو أن المسؤولين بالدولة تجاهلوني وتناسوني حتى انه لم يزرني أي مسؤول سياسي أو قيادي امني منذ اصابتي – ما عدا امر الحرس السابق الذي زارني في اربع مناسبات-  وهو ما زاد احساسي بالغبن والنكران ,ولكني مازلت مصرا على اعطاء المزيد لهذا الوطن وحمايته حتى لو كلفني ذلك حياتي” هذا ما ختم به هشام الميساوي بعد أن وجه نداء إلى وزير الداخلية طالبا منه الايفاء بوعوده وارساله للخارج لاتمام علاجه.
الجريح الصامد
العميد بالحرس الوطني عمار الفالح الذي بترت ساقه اثر عملية امنية خلال 2014 لم تثنه اصابته عن مواصلة عمله بعد أن تلقى العلاج بالولايات المتحدة الاميريكية.
ربما قصة العميد عمار تجعلنا إزاء درس في قوة العزيمة والاصرار والوطنية بعد أن تغلب  ذلك الرجل على آلامه وتناسى اصابته ليصمد من جديد ويقود عملية امنية وصفت بالتاريخية منذ بداية حربنا على الارهاب.
عملية امنية اطاحت باكبر رؤوس كتيبة عقبة بن نافع وعلى راسهم قائدها لقمان ابو صخر الذي ظل مطاردا من قبل القوات الامنية الجزائرية والتونسية لسنوات.
لن ينسى التونسيون ولا التاريخ اصرار ذلك العميد الذي اعطى لوطنه الكثير واختار مواصلة العطاء رغم حالته الصحية.
بل ربما حكاية العميد عمار الفالح والوكيل بالحرس الوطني هشام الميساوي تعكس مدى اصرار عناصر قوات الامن على حماية وطنهم وبذل المزيد في حربهم على الارهاب.
لجنة خاصة بهشام الميساوي
من جهة اخرى اكد لنا مسؤول عن المصالح الاجتماعية و الصحية بوزارة الداخلية أن الوزارة تكفلت بمصاريف علاج هشام الميساوي منذ اصابته وانها حرصت على الاحاطة به  معنويا واجتماعيا ونفسيا ومهنيا بالمستشفى العسكري بتونس ومستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى وحتى بالمصحة الخاصة لمواصلة علاجه الطبيعي نظرا لخطورة اصابته ونوعيتها.
واضاف محدثنا أن الدولة بمختلف مصالحها من رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية قامت باجراءات لتمكينه من مواصلة علاجه بالخارج على امل تحقيق تحسن ولو طفيف مشيرا إلى أن هذه الاجراءات في مرحلتها الاخيرة.
وعن طول مدة الانتظار اكد المسؤول ذاته أن هذه الفترة لا تعد تاخيرا زمنيا نظرا وان المعني بالامر يتمتع حاليا بالعلاج اللازم بصفة متواصلة بمصحة خاصة على حساب الدولة.
وشدد على أن وزارة الداخلية عينت لجنة قارة وخاصة بحالة هشام الميساوي مختلفة الاختصاصات (صحية ,اجتماعية ,تعاون دولي..) تجتمع بصفة دورية إلى حين انتهاء العلاج.
وذكر أنه تمت الموافقة مبدئيا على ملف هشام الميساوي وانه تم الاتصال خلال الاسبوعين الاخيرين بممثلين ديبلوماسيين عن دولة الصين للتنسيق لارساله للعلاج.
102 جريح امني و7 حالات خطيرة  
هذا وقد علمنا أن العدد الجملي للجرحى من الامنيين (حرس وشرطة وحماية مدنية) اثر عمليات ارهابية يبلغ 102 جريح (41 مصاب من الأمن الوطني و61 من سلك الحرس الوطني) علما وان عدد الاصابات الخطيرة تقدر بـ 7 حالات جميعها في صفوف سلك الحرس الوطني.
وتتمثل هذه الاصابات في 5 حالات بتر ساق تكفلت وزارة الداخلية بعلاجهم بالخارج وذلك بتركيب ساق اصطناعية تمكنهم من المشي فضلا عن حالة فقدان عين تم التكفل كذلك بعلاج المصاب بالخارج بتركيب عين اصطناعية وحالة شلل نصفي (هشام الميساوي).
وحسب مسؤول من المصالح الاجتماعية والصحية بوزارة الداخلية  فان جميع الجرحى من المؤسسة الامنية يتمتعون بالرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة منذ اصابتهم  وذلك بالمستشفيات العمومية ومستشفى قوات الأمن الداخلي والمستشفيات العسكرية والمصحات الخاصة عند الاقتضاء وكذلك بالمستشفيات بالخارج حسب مقتضيات حالتهم الصحية.
وحسب نفس الجهة فان مؤسسات الدولة تتكفل أيضا بجميع المصاريف المتعلقة بالعلاج سواء داخل البلاد أو بالخارج فضلا عن مصاريف الاعاشة والاقامة .
كما تعمل وزارة الداخلية على مساندة جميع جرحى المؤسسة الامنية ومتابعتهم من الناحية الاجتماعية خاصة فيما يتعلق بتسهيل تنقلاتهم إلى المستشفيات وقضاء الشؤون اليومية للمصابين وافراد عائلاتهم علما وان زيارة المصابين تكون بصفة مستمرة سواء عند اقامتهم بالمستشفى وحتى بعد خروجهم وفق ذات الجهة.
كما  تتم الاحاطة بالمصابين وتاطيرهم من الناحية النفسية والمعنوية خاصة خلال الفترة الاولى من تاريخ الاصابة فضلا عن متابعة المحيط المهني للمصاب بهدف تقليص المفعول النفسي للحالة الارهابية فضلا عن تقديم مساعدات حينية ومالية للمصابين في اطار التشجيع وفي عديد الحالات يقع تنفيلهم بترقية استثنائية إلى الرتبة الموالية.
وحسب محدثنا (مسؤول عن المصالح الاجتماعية والصحية بوزارة الداخلية) فانه يتم توفير الدعم المهني للاعوان المصابين حيث يقع الاحاطة بالمصاب ومحاولة ارجاعه إلى مهامه النشيط قصد محاولة ادماحه من الناحية المهنية أو تمكينه من وظيفة تناسب حالته الصحية والنفسية.
كما تقوم الدولة بتوفير تعويضات مادية سواء من رئاسة الحكومة (تتراوح بين 4 الاف و 10 الاف دينار حسب خطورة الاصابة) أو من طرف وزارة الداخلية هذا إلى جانب المساعدات المالية والمنحة التعويضية التي يتم تقدير قيمتها وفق نسبة السقوط فضلا عن منحة شهرية خلال فترة العمل والتقاعد مع الاشارة إلى أن الاجراء الاخير يندرج ضمن تحيين قانون التعويضات لقوات الأمن الداخلي في حال حادث شغل أو امراض مهنية.
هذا وقد اكدت الجهة نفسها أن جميع المجهودات والتعويضات التي تقدمها الدولة لفائدة المصابين من الامنيين لا تفي بما قدموه لهذا الوطن باعتبار انهم يعرضون انفسهم للخطر بل يندرج في اطار اعطاء قيمة للتضحيات التي قدموها لتبقى معنويات الامنيين مرتفعة.
حصيلة الجرحى الامنيين حسب الاسلاك و التسلسل الزمني
42 من سلك الأمن الوطني:
-31  مصابا إلى حدود 25 ماي 2014
– مصابين خلال احداث القصرين في 27 ماي 2014.
-9 مصابين في احداث باردو بتاريخ 18 مارس 2015 من بينهم 3 مصابين بشظايا.
61 من سلك الحرس الوطني:
-43 مصابا إلى حدود 25 ماي 2014 من بينهم حالتي بتر ساق وحالة فقدان عين
-اصابتين اثر عملية جهة عين دبة من معتمدية فربانة بتاريخ 29 جوان 2014 من بينهم حالة بتر ساق.
-اصابتين اثر عملية جبل ورغة بساقية سيدي بوسف من ولاية الكاف بتاربخ 1 جويلية 2014 من بينهم حالتي بتر ساق.
-5 مصابين في عملية جبل سمامة بالقصرين بتاريخ 29 جويلية 2014.
-مصابين في عملية وادي الليل بتاريخ 23 اكتوبر 2014.
-اصابة بعملية سيدي بوزيد بتاريخ 19 نوفمبر 2014.
-4 اصابات بعملية بسيدي بوزيد بتاريخ 15 جوان 2015
-4 اصابات بعملية غار الدماء بجندوبة بتاربخ 15 جوان 2015.
تجدر الاشارة إلى أن جميع المصابين تلقوا تعويضات مادية تراوحت بين 4 و10 الاف دينار لكل مصاب من طرف رئاسة الحكومة و 1288 دينار إلى 7277 دينار تمتع بها 67 مصابا (26 من الأمن الوطني و 41 من الحرس الوطني) إلى حدود 15 ماي 2014 من حملة حماة الحمى.
اصابة وحيدة من سلك الحماية المدنية و221 مصابا من الجيش الوطني.