مع تنامي خطر الارهاب في ليبيا:خارطة النقاط السوداء في الحدود التونسية







  داعش على الابواب” هذا ما تم تداوله في الفترة الاخيرة وسط تخوف وحيرة وحذر في صفوف جلالمواطنين والخبراء وحتى بعض السياسيين باعتبار حالة الانفلات الامني والصراع القائم في ليبيا،خاصة بعد سيطرة داعش على سرت الليبية و جزء من سبراطة التي تبعد حوالي 90 كيلومتر عن حدودنا فضلا عن سيطرة جماعات متطرفة اخرى (انصار الشريعة وجماعات اخرى تابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي) على بعض المناطق كدرنة الليبية.
وباعتبار أن البوابة الاولى لدخول هذه الجماعات إلى بلادنا هي حدودنا الشرقية مع ليبيا فقد كثر الحديث على مدى جاهزية التشكيلات الامنية والعسكرية المكلفة بتامين حدودنا كما طفت على السطح عديد التساؤلات عن الاستعدادات والاجراءات المتخذة تحسبا لهذه المخاطر.
في هذا المقال نعطي فكرة حول الاستعدادات الامنية والعسكرية لتأمين حدودنا البرية والبحرية.كما سنطرح أهم الاجراءات الاستثنائية المتخذة لتامين حدودنا الشرقية مع ليبيا.
منظومة مشتركة
حوالي 1700 كيلومتر هي مساحة حدودنا البرية التي تنقسم إلى جزئين:
– الحدود الغربية والتي تمتد على حوالي 1200 كلم وهي الحدود المشتركة مع القطر الجزائري.
– الحدود الشرقية وتمتد على حوالي 500 كلم وهي حدودنا المشتركة مع القطر الليبي.
وتشرف على تامين حدودنا البرية الغربية والشرقية الادارة العامة لحرس الحدود -الراجعة بالنظر للادارة العامة للحرس الوطني- على طول 900 كلم دون احتساب المثلث الصحراوي الذي يعد منطقة عسكرية.
كما تشارك في حماية حدودنا البرية تشكيلات عسكرية من الجيش الوطني ضمن منظومة مشتركة لتأمين الحدود البرية والبحرية للحدود التونسية.
وقد تم اعتماد هذه المنظومة المشتركة منذ سنة 1995 وتحديدا بعد “عملية سندس” الارهابية.
وتعتبر وحدات الحرس الحدودي- وباكثر من 160 وحدة موزعة بين اقاليم ومناطق حرس وفرق حرس حدودي ومراكز حرس الحدود- الحصن الاول وجدار الصد على الحدود.
وتشرف هذه الوحدات على تأمين الحدود البرية من جميع انواع الاعتداءات كما تسهر على منع جميع الاختراقات ومحاربة التهريب واجتياز الحدود خلسة فضلا عن دورها في ربط الصلة بالتجمعات السكنية.
وتعمل وحدات الحرس الحدودي ضمن خطة في شكل احزمة:
– الحزام  الاول ويتمثل في المراكز الحدودية (دوريات خيالة، سيارات رباعية الدفع…)
الحزام الثاني وهو في شكل فرق قارة تشرف من جهة على تامين الحدود عبر دوريات متنقلة وقارة وحملات  فضلا عن نصب كمائن وفي جهة ثانية تلعب دور القيادة والتنسيق مع المراكز الحدودية.
-الحزام الثالث ويتمثل بالاساس في الفرق المتنقلة.
ويعمل الحرس الحدودي بالتنسيق مع وحدات من الأمن الوطني (نقاط العبور) وفرق الاستعلام ووحدات الديوانة وحراس ادارة الغابات  فضلا عن عديد الاختصاصات الاخرى من سلكي الشرطة والحرس الوطني والمتواجدة بالصفوف الخلفية.
اجراءات استثنائية
وعن الاجراءات الاستثنائية المتخذة بخصوص تامين حدودنا البرية الشرقية المجاورة للتراب الليبي فقد علمنا ان وزارتي الداخلية والدفاع وضعتا الخطوط العريضة لمنظومة جديدة لتامين الحدود في ظل حالة الانفلات والحرب التي تعيش على وقعها ليبيا وقد تم تجسيم هذه الاجراءات على ارض الواقع والمتمثلة بالاساس في:
-تعزيز عدد الوحدات والاعوان.
-اعادة التوزيع والانتشار (على مستوى الوحدات المتقدمة والوحدات الخلفية) وتقريب التشكيلات العسكرية من مراكز الحرس الحدودي لخلق تكافئ في القوة ولدرء كل خطر.
-احداث منطقة عازلة (اكثر من 10 نقاط تفتيش مشتركة بين الجيش الوطني ووحدات الحرس الحدودي موزعة بالاساس بين ولايتي مدنين (اكثر من 7 نقاط تفتيش) وتطاوين (حوالي 5 نقاط تفتيش).
-حفر ساتر ترابي (حاجز ترابي مرتفع بصدد الانجاز) يمتد من راس جدير إلى ذهيبة على طول 167 كلم بهدف منع مرور السيارات -بجميع انواعها حتى الرباعية الدفع- للحد من ظاهرة التهريب (تم حفر اكثر 6 كلم حاليا).
التركيز على العمل الاستعلاماتي لتوفير المعلومة (العمل ما وراء الحدود).-
-توفير اجهزة مراقبة متطورة ليلية ونهارية.
مصادر مطلعة من الادارة العامة للحدود البرية والبحرية اكدت لنا انه تم توفير جميع الامكانيات في الحدود الشرقية على وجه خاص درءً لجميع المخاطر.
وأشارت المصادر ذاتها إلى ان وحدات الحرس الحدودي المتواجدة بالجهة الشرقية على اتم استعداد لاي عملية مهما كان نوعها مشددة على أن معنويات جميع أعوان الحرس الحدودي مرتفعة وعلى درجة عالية من اليقظة والجاهزية.
كما افادت بأنه رغم الامكانيات المتوفرة إلى أنهم يطمحون الى تحسين منظومة حماية الحدود البرية والاستئناس بتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.
نقاط سوداء
وقد اعتبرت كل من ولاية القصرين والكاف وجندوبة  من النقاط السوداء التي تخضع إلى منظومات خاصة في تامين حدودنا  الغربية علما وان هذه المنظومات الخاصة تطلبت اعادة تركيز للوحدات الامنية والعسكرية.
وتأتي هذه الاجراءات نظرا لتمركز الجماعات الارهابية بجبال هذه الولايات (جبل السلوم، الشعانبي…) اذ تعتبر حدودنا المتاخمة لهذه المناطق اكثر استهدافا مقارنة بالمناطق الاخرى.
اما من جهة الحدود الشرقية فتعتبر ولايتي مدنين وتطاوين نقاطا سوداء على الخارطة الحدودية باعتبار أن الامدادات المرصودة للجماعات الارهابية المتمركزة بالجبال من اسلحة وذخيرة وتجهيزات تمر عبر هذه الولايات.
تنسيق أعرج! 
وعلى غرار بقية الدول فان حماية الحدود البرية وتامينها يبقى دائما خاضعا إلى التنسيق الميداني الحيني والمستمر مع دول الجوار باعتبار التشارك في الحدود.
وبالنسبة لحدودنا مع الجارة الجزائر فقد علمنا أن التنسيق الميداني بين القيادات الامنية والعسكرية قائما ويتسم بالسلاسة بل انه يرقى إلى اعلى المستويات.
كما تبين أن اللقاءات الميدانية بين القيادات المنخرطة في تامين حدودنا الغربية من الجهتين متواصلة منذ الثورة ومستمرة ,وتقوم هذه اللقاءات خاصة على تبادل المعلومات وفض عديد الاشكاليات العالقة.
اما بالنسبة لحدودنا الشرقية والتي نشترك فيها مع القطر الليبي فقد علمنا أن الوحدات القائمة على تامين حدودنا الشرقية تعترضها عديد الصعوبات منذ بداية الحرب الدائرة في ليبيا وخاصة بعد سيطرة الجماعات المتطرفة على بعض الجهات الليبية.
كما ان التنسيق الميداني بين الوحدات القائمة على تامين حدودنا والجهة المقابلة غائب تماما  باعتبار غياب هيكل رسمي يمثل السلطات الليبية.
ونظرا لضرورة وجود تنسيق دائم لضمان نجاعة حماية حدودنا فقد سعت السلطات التونسية –بما فيها وزارتي الداخلية والدفاع– للتنسيق مع جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا وحتى مع بعض القبائل بهدف تبادل المعلومات وضمان امننا الحدودي من أي اختراقات أو تسلل للجماعات المتطرفة الموجودة بليبا والتي تسعى بدورها إلى بسط سيطرتها وضمان موطئ قدم بالتراب التونسي.
اعتداءات وجس النبض
وقد قامت هذه الجماعات منذ الثورة –سواء من ليبيا أو الجزائر- بـ13 محاولة اعتداء على مقرات تابعة لوحدات الحرس الحدودي باستعمال اسلحة نارية مختلفة علما وانها لم تتمكن من الحاق خسائر باعتبار وان جميع المحاولات باءت بالفشل نظرا لتصدي وحدات الحرس الحدودي اليها في كل مرة.
وقد اعتبرت هذه المحاولات ضربات استباقية لجس النبض والوقوف على مدى تأهب ويقظة و جاهزية الوحدات المكلفة بتامين حدودنا.
نقائص
وبالرغم من اهمية عمل وحدات الحرس الحدودي في صد جميع المخاطر على بلادنا فقد ظل هذا الهيكل يشكو عديد النقائص خاصة على مستوى البنية التحتية والمتمثلة بالاساس في حالة المقرات الامنية فضلا عن نقائص مرتبطة بالتجهيزات والوسائل علما وان الفترة الاخيرة  شهدت زيارات متتالية لقيادات امنية تلتها بعض التحسينات على مستوى البنية التحتية خاصة.
اما على مستوى الهيكلة فان وحدات الحرس الحدودي تشكو من نقص على مستوى التنسيق الميداني باعتبار غياب قيادة ميدانية مقارنة ببقية التشكيلات الامنية وهو ما دفع العديد للمطالبة بخلق خطة جديدة تقوم بالتنسيق المباشر مع اعوان الحدود.
وبالنسبة لطرق العمل فان وحدات الحرس الحدودي تسعى إلى تطوير عملها استئناسا بتجارب الدول المتقدمة عبر اعتماد الية المراقبة الالكترونية لحدودنا الذي من شانه أن يقلص نسبة الخطر فضلا عن المزايا التي سيحققها من حيث حسن التصرف في الموارد البشرية.
كما تسعى هذه الوحدات إلى وضع استراتيجية عمل جديدة بخصوص العمل الاستعلاماتي على الحدود نظرا لاهمية المعلومة في درء المخاطر واخذ الاحتياطات اللازمة بصفة مسبقة علما وان توفير المعلومة يجب أن يتجاوز الحدود ويشمل دول الجوار.
نشاط حرس الحدود البري 2013/2014
تمكنت وحدات الحرس الحدودي من احباط 889 عملية تهريب خلال 2013 أي بقيمة حوال 25 مليار فيما احبطت في السنة الفارطة 1601 عملية تهريب أي بقيمة تفوق 33 مليار دينار
اما فيما يخص احباط عمليات اجتياز الحدود خلسة فقد تم احباط 276 عملية خلال 2013 و208 عملية في 2014
كما تمكنت وحدات الحرس الحدودي من ضبط اكثر من 6000 قطعة ذخيرة وعشرات القطع من الاسلحة.
مؤطر 2: حماية الحدود البحرية
تمتد الحدود البحرية على طول 1300 ممتدة من طبرقة إلى الكتف وتقوم وحدات الحرس البحري (باكثر من 150 وحدة) بالاشتراك مع وحدات من الجيش بحماية حدودنا البحرية المقسمة إلى اربعة اقاليم بحرية:
– اقليم الشمال
– اقليم الساحل
– اقليم الوسط
– اقليم الجنوب
وتقوم الفرق البحرية والمناطق والمراكز بحماية الشريط الساحلي ومياهنا الاقليمية الممتدة على حوالي 12 ميل بالاشتراك مع الجيش البحري.
وتسعى هذه الوحدات إلى التصدي للهجرة السرية والتهريب كما تشارك في عديد عمليات الانقاذ فضلا عن التصدي للصيد العشوائي.
وقد تمكنت وحدات الحرس الحدودي البحري من احباط 63 عملية هجرة غير شرعية في 2013 و 73 عملية خلال 2014 فضلا عن 12 عملية منذ بداية جانفي الجاري إلى حدود بداية جوان 2015.
كما تم ضبط 98331 شخص اجتاز الحدود منذ 1998 إلى سنة 2014 و 2308 منظم رحلات خلال نفس الفترة.