بالتوازي مع الخندق العازل:منطقة للتبادل الحر ببن قردان... أولوية



رغم حالة الهدوء التي كانت عليها بن قردان وفقا لما اكدته لنا مصادر امنية بالجهة إلا ان احداث منطقة للتبادل التجاري الحر بات من اوكد الاولويات لتجنب حالة الاحتقان التي تظهر من وقت الى اخر لدى ابناء الجهة.
يطالب الناس هناك ومنذ سنة 2010 بتوفير مناخ اقتصادي يضمن التنمية والتشغيل في المنطقة ويضمن استمرارية مواطن الشغل وموارد رزقهم القائمة بالأساس على التبادل التجاري مع الجارة ليبيا. علما وان احتجاجات سنة 2010 أثمرت إقرار حكومة بن علي آنذاك إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر بالجهة ضمانا لهيكلة المبادلات بين البلدين والمقدرة بانها الأكبر عربيا. إلاّ ان هذا المشروع لم يتم تنفيذه وبغيابه استمرت ازمة المعبرين الحدوديين بين تونس وليبيا ونشطت ظاهرة التهريب بشكل كاد يضر بالامن الوطني وذلك طيلة سنوات ما بعد الثورة.
حماية الامن الوطني 
كان على حكومة الحبيب الصيد اتخاذ قرار جدّي تجاه التهديدات القادمة من الحدود مع ليبيا خاصة بعد ان غرقت دولة الجوار في صراع ميليشياوي لا يمكن التكهن بنهايته كما سبق لخبراء ومراقبين تونسيين التنبيه الى الخطر القادم من الجنوب دون ان تتفاعل الحكومات التونسية المتعاقبة مع هذه التحذيرات.
وبعد ثبوت جدّية التهديدات خاصة بتسلل ارهابيين تونسيين من تونس وإليها للتدرّب على السلاح في ليبيا وتنفيذ هجومات ارهابيّة في تونس كان آخرها اغتيال عدد كبير من السيّاح في سوسة جاء قرار حماية الحدود مع ليبيا لوقف نزيف تهريب الاسلحة والارهابيين ولحماية الامن الوطني التونسي بإقامة خندق عازل بين البلدين. 
هذا الخندق العازل يرى فيه الكثيرون تهديدا جدّيا لأمنهم الغذائي باعتباره سيضيّق الخناق على نشاط المهربين والامر مشروع بالنسبة للبعض ممن يعتقدون ان الدولة اخرجتهم من مخططاتها الاقتصادية الرسمية وسلمتهم للإجتهاد الشخصي في توفير مورد الرزق علما وان التهريب عبر بنقردان سواء تهريب البنزين او تهريب المواد الغذائية اصبح نشاطا تجاريا يقتات منه عدد واسع من الشباب في مختلف الجهات في الجنوب وايضا في مناطق اخرى داخلية وصولا الى ولاية القيروان.
من الطبيعي ان يشعر من جعل من التهريب مورد رزقه بالخوف تجاه فرضيّة إغلاق الحدود وماهو غير طبيعي هو عدم طمأنة حكومة الحبيب الصيد لهؤلاء والمقدر عددهم بالآلاف من المواطنين الذي يعيشون من التبادل التجاري غير المهيكل مع ليبيا.
الإسراع في احداث منطقة التبادل الحر
كان على حكومة الحبيب الصيد التلويح ببديل لطمأنة سكان الحدود تجاه فرضيّة إغلاق الحدود وقطع الطريق عن التهريب وهذه الطمأنة تأتي بالأساس من تحمل الحكومة مسؤوليتها تجاه التسريع في إقامة منطقة للتبادل في بنقردان وهو مشروع تم استكمال دراساته الفنية وما يزال يعاني من تعطيلات تتعلق بالاساس بالمشكل العقاري المتعلق بتغيير صبغة الارض من القطاع الخاص الى القطاع العام وكذلك النظر في الاطار القانوني لهذا المشروع والذي ستكون له فائدة وطنية منها الإسهام في الترفيع في قيمة الدينار التونسي خلال فترة قصيرة وجعل تونس بوابة إقتصاديّة لإفريقيا.
حول هذا المشروع تحدث رئيس بلدية بن قردان ل»الشروق» مصطفى عبد الكبير ليشير الى ان «منطقة تجارية لوجستية تم الانتهاء من دراساتها الفنية وسيكون مكانها منطقة الشوشة على مساحة 150 هكتار وسيكون مشروعا مشتركا بين القطاعين العام والخاص». واوضح المتحدث ان المشروع في مرحلة اعداد الاطار القانوني المتعلق بتفاصيل الصرف والجباية والتعامل الجمركي والحوافز التي سيتم منحها للمستثمرين مبرزا انه سيتم النظر في هذا الاطار القانوني في شهر سبتمبر القادم وهنا لنا ان نسأل لماذا تأجيل النظر في ملف يعتبر من اولوية الاولويات ويتطلب صدقا تشكيل خلية خاصة في رئاسة الحكومة لتسوية كل العراقيل التي تحول دون تنفيذ هذا المشروع وطبعا منها الاسراع في اعداد هذا لإطار القانوني.
وذكر مصطفى عبد الكبير رئيس بلدية بن قردان لـ«الشروق» ان الجزء الاول من هذا المشروع سينطلق مطلع السنة الجديدة وذلك بتهيئة 40 هكتار باعتمادات جملية مقدرة بـ20 مليارا ثم عرضها على المستثمرين ومن المتوقع ان تساهم هذه المرحلة الاولى في توفير ألفيْ موطن شغل.
تشمل المنطقة التجارية اللوجستية ثلاث انشطة كبرى هي : تخصيص فضاءات لانتصاب الشركات الموردة وتوفر قاعة عرض كبرى لعرض المنتوجات ثم تخصيص فضاءات لمغازات التبادل الحر بالاضافة الى انشطة ثانوية تتمثل بالاساس في توفير مصحة ونزل ومقاهي ما يعني توفير عدد إضافي من مواطن الشغل.
وذكر مصطفى عبد الكبير ان منطقة التبادل الحر ستكون مسنودة بالميناء التجاري بجرجيس وذلك بالربط العضوي بين المنطقة والميناء كما اكد ان عددا كبيرا من المؤسسات الاجنبية عبرت عن رغبتها في الانتصاب في المنطقة الحرة.
كما اكد ان 80٪ من مشروع منطقة التبادل الحر متوفرة وذلك عبر الديناميكية التجارية المتوفرة في الجهة وما ينقص هو تهيئة فضاء منطقة التبادل الحر. واكد ان المنطقة باستطاعتها ان تكون بوابة تجارية كبرى لأفريقيا وان يصبح ميناء جرجيس الدولي ميناء التوريد الأكبر في المنطقة الافريقية.

أسماء سحبون