مافيا السجائر تقف وراء فقدان «المارس انتار» و«السفير» من السوق




لا اثر منذ اسبوعين للسجائر التونسية في نقاط البيع المرخص لها والنتيجة ارتفاع اسعارها في السوق الموازية الامر الذي دفع بالمدخنين الى اللجوء الى السجائر المهربة فقل وندر ان تعثر هذه الايام على علبة سجائر تونسية في النقاط المرخص لها وحتى باعة السجائر بالتفصيل سيعرضون عليك السجائر المهربة في صمت مطبق من الوكالة الوطنية للتبغ و الوقيد التي لم توضح اسباب النقص في تزويد السوق بالسجائر التونسية لترتفع اسعارها في السوق السوداء ووصلت في بعض الاحيان الى الضعف بالنسبة للأنواع الاكثر رواجا بين المدخنين كالمارس و السفير و رغم علمنا بان الوكالة الوطنية للتبغ و الوقيد لن ترد مسبقا على اسئلتنا فإننا حاولنا مع ذلك الاتصال عبر الارقام التي وفرتها لنا اتصالات تونس و للأسف لم نتحصل على اي مسؤول لذلك توجهنا الى اصحاب نقاط البيع و باعة التفصيل الذين اجمعوا على ان المشكل يكمن في شبكة كاملة تتحكم في السوق بعد ان سيطرت على مسالك التوزيع.
ولفهم كيف سيطرت هذه الشبكة على سوق السجائر في تونس لا بد من تفكيك منظومة انتاج و صناعة و توزيع التبغ في تونس…التبغ في تونس تحتكره الدولة انتاجا و تصنيعا و توزيعا عبر الوكالة الوطنية للتبغ و الوقيد التي تدير مصنعين في تونس العاصمة والقيروان. اداريا تقع الوكالة الوطنية للتبغ و الوقيد تحت سلطة وزارة المالية وذات الوزارة هي التي تسهر على بيع التبغ و الوقيد ومنتجات اخرى كورق اللعب الى نقاط البيع المرخص لها المعروفة عند العموم بـ«القمرق». هذه النقاط بدورها تزود السوق بالسجائر بأسعار تحددها وزارة المالية علما و ان القانون يمنع بيع التبغ خارج هذه النقاط المرخص لها و يمنع كذلك بيع السجائر بالتفصيل…و يبلغ هامش الربح المخصص لهؤلاء الباعة الاربع بالمائة من سعر الجملة اي السعر الذي يشترون به من الدولة عبر القباضات المالية المنتشرة في كامل تراب الجمهورية و هنا يكمن مربض الفرس….
والحقيقة ان هذا الهامش البسيط دفع بالباعة المرخص لهم بالبحث عن طرق اخرى للزيادة في الارباح و هو ما فتح الباب على مصراعيه امام مضاربين جدد تحولوا شيئا فشيء الى وسطاء بين «القمارقية» والمستهلكين فهؤلاء الوسطاء يشترون من امام القباضات كميات التبغ من اصحاب الرخص « القمارقية» بأسعار اعلى من التي حددتها الدولة ليعيدوا بيعها الى باعة التفصيل « الحماصة» بإضافة هامش ربح جديد لتصل الى المستهلك في بعض الاحيان بزيادة قد تصل الى ثلاثين بالمائة من ثمنها الاصلي…
هذه العوامل تفسر في جزء منها الاضطرابات التي تشهدها دوريا السوق في مستوى التزويد وتوفر السجائر بشكل منتظم فهذه الشبكة من المضاربين خلقت اليات للسيطرة على السوق بحجبها المتعمد لكميات هائلة من السجائر التونسية وخلق حالة من الحاجة «LE BESOIN» لدى المستهلك ثم الشروع في التوزيع بطريقة «القطرة قطرة» و توزيع كميات محدودة لكن بأسعار مرتفعة و عادة ما تتمكن من تثبيت السعر الجديد و غنم ارباح طائلة في وقت قياسي…
ارتفاع اسعار السجائر التونسية بفعل المضارية هو السبب المباشر للجوء المدخنين الى السجائر المهرية و هي سجائر اجمعت كل التقارير الطبية انها بدورها سبب مباشر في الاصابة بأمراض السرطان أمراض الجهاز التنفسي التي تكلف خزينة الدولة سنويا اكثر من مائتي مليون دينار كتكاليف علاج واقامة بالمستشفيات اي ان ما تجنيه الدولة من ارباح من بيع التبغ تصرفه في معالجة المصابين بأمراض سببتها السجائر المهربة وهو ما يدفع لطرح السؤال التالي…هل ان الدولة على علم بهذه الشبكات و بالفوضى التي اصابت سوق التبغ؟ من المستحيل ان لا تكون وزارة المالية لا تعلم بما يحدث امام قباضاتها في الايام المخصصة لتزويد «القمارقية» بالسجائر فما يشترى من داخل القباضة يحمل مباشرة على متن شاحنات المضاربين الذين يتولون بعد ذلك بيعه الى « الحماصة» على مرأى و مسمع من الجميع لذلك نتساءل لماذا لم تتدخل مصالح الوزارة لوضع حد لظاهرة عمليات البيع المشبوهة…اللهم إلا إذا كان اخطبوط المضاربين قد امتد الى داخل وزارة المالية و تلك حكاية اخرى…