كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير لها أن سلاح الجو الإسرائيلي يعمل على تنفيذ تدريبات مكثفة استعداداً لما وصفته بـ"مهمة كبرى"، وسط تكتم رسمي حول طبيعة هذه المهمة وتوقيتها. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق تزايد التوترات الأمنية على المستويين الإقليمي والدولي، مما يثير تساؤلات حول أهداف هذه التحركات العسكرية ومداها.
استعدادات غير مسبوقة ومناورات مكثفة
بحسب التقرير، شهدت الأسابيع الأخيرة تكثيفاً لوتيرة المناورات العسكرية التي أجراها سلاح الجو الإسرائيلي، وُصفت بأنها الأكثر شمولية في السنوات الأخيرة. وشملت المناورات سيناريوهات معقدة لمحاكاة هجمات بعيدة المدى، والتعامل مع أنظمة دفاعية متطورة، واستهداف مواقع تحت الأرض. كما ركزت التدريبات على تعزيز التنسيق بين الوحدات الجوية المختلفة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة، وطائرات الاستطلاع، وأنظمة الدفاع الجوي، تحسباً لأي مواجهات متعددة الجبهات.
وأكدت الصحيفة أن هذه الاستعدادات تأتي بالتزامن مع تطوير إسرائيل قدراتها العسكرية، خاصة فيما يتعلق بالطائرات الحربية من طراز "إف-35"، التي يُنظر إليها على أنها عنصر حاسم في تنفيذ ضربات دقيقة على أهداف استراتيجية بعيدة المدى.
السياق الإقليمي وتصاعد التهديدات
تأتي هذه الاستعدادات في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، مع تقارير عن استمرار أنشطة إيران النووية وتوسيع نفوذها الإقليمي من خلال دعم حلفائها في سوريا، لبنان، واليمن. وأشارت هآرتس إلى أن التحضيرات الإسرائيلية قد تكون مرتبطة بتوجيه ضربة استباقية ضد منشآت نووية إيرانية أو مراكز تصنيع صواريخ دقيقة في سوريا ولبنان.
في هذا السياق، صرح مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق بأن إسرائيل "لن تتوانى عن استخدام القوة العسكرية لمواجهة تهديدات وجودية"، مشددين على أن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الدول الغربية لم توقف تقدم إيران النووي.
التحديات والرسائل الموجهة
ومع ذلك، تُدرك إسرائيل أن مثل هذه العملية لن تكون سهلة، خاصة مع احتمال مواجهة ردود فعل قوية من إيران وحلفائها في المنطقة. وتشير التقديرات إلى أن أي تصعيد عسكري سيؤدي إلى فتح جبهات متعددة، أبرزها في شمال إسرائيل مع حزب الله، وفي غزة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وبحسب التقرير، فإن هذه المناورات المكثفة تهدف أيضاً إلى إرسال رسالة ردع واضحة إلى الخصوم، مفادها أن الجيش الإسرائيلي مستعد للتعامل مع أي تصعيد أمني، وأنه قادر على تنفيذ عمليات دقيقة وفعالة حتى في أكثر الظروف تعقيداً.
تحليل المراقبين
يرى محللون عسكريون أن هذه التحركات الإسرائيلية قد تكون جزءاً من استراتيجية أوسع لتهيئة الرأي العام المحلي والدولي لعملية عسكرية محتملة. كما يشيرون إلى أن الدعم الأمريكي المتزايد لإسرائيل، خاصة على صعيد التعاون الاستخباراتي وتزويدها بتقنيات عسكرية متقدمة، يعزز من قدرتها على تنفيذ عمليات بعيدة المدى.
احتمالية استهداف مواقع استراتيجية
في الوقت الذي تبقى فيه طبيعة المهمة غامضة، لا يستبعد مراقبون أن تشمل العملية استهداف منشآت إيرانية داخل العمق الإيراني، أو مراكز قيادة وسيطرة في سوريا ولبنان. كما أن هذه الاستعدادات قد تتضمن خططاً للتعامل مع التهديدات المتزايدة من الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة التي تطورها إيران وحلفاؤها.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتخذ إسرائيل خطوة التصعيد العسكري قريباً؟ أم أن هذه الاستعدادات تأتي في إطار تعزيز جاهزيتها لأي تطور مفاجئ في المنطقة؟ الأكيد أن الأيام المقبلة ستكشف عن أبعاد هذه التحركات ومدى تأثيرها على التوازنات الإقليمية والدولية.